انتكاسة درامية وحرب وحشية.. رئيس وزراء إثيوبيا: الجيش تعرض لطعنة في الظهر
اليوم الاخبارييقول دبلوماسيون ومحللون إن استيلاء الحكام السابقين لإقليم تيجراي على مقلي عاصمة الإقليم هذا الأسبوع كان انتكاسة درامية للحكومة الإثيوبية، وهو ما يفتح فصلا جديدا في حرب وحشية، لكنه لا يصل إلى حد وضع نهاية لها بأي حال من الأحوال.
وتحت الرماد تضطرم نار الصدام على الأراضي الزراعية الخصبة في غرب تيجراي، بينما تقول وكالات الإغاثة الإنسانية إنها ما زالت عاجزة عن توصيل المساعدات الكافية لمئات الآلاف الذين يواجهون شبح المجاعة، وفقا لرويترز.
وسيطرت القوات الموالية للجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، وهي الحزب الذي ظل يهيمن على الحكومة المركزية الإثيوبية لما يقرب من ثلاثة عقود، على مقلي مساء الاثنين، بعد سبعة أشهر من انسحابها من المدينة.
وهونت حكومة رئيس الوزراء أبي أحمد، التي كان ارتقاؤها للسلطة في 2018 نهاية لسلطة الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، من شأن هذا الانعكاس في مسار الحرب.
وأعلنت الحكومة وقفا لإطلاق النار من جانب واحد لأسباب إنسانية، وقالت إن جنودها تركوا مقلي ليواجهوا تهديدات أمنية أكبر في أماكن أخرى.
لكن الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي وبعض المراقبين الدوليين وصفوا هذا التحول بأنه هزيمة منكرة للجيش الإثيوبي.
وشنت قوات تيجراي هجوما كبيرا في وقت كانت تستعد فيه إثيوبيا للانتخابات العامة في 21 يونيو.
وقال سكان ودبلوماسيون إن القوات استولت على بلدات إلى الشمال والغرب من مقلي، واندفعت إلى وسط أديجرات، ثاني أكبر مدينة في الإقليم الشمالي.
وقال دبلوماسي كبير في العاصمة أديس أبابا: «ظلوا يحاصرون مقلي لما بين يومين وثلاثة أيام.. أدركت القوات (الجيش الإثيوبي) أن الخيار أمامها إما الموت أو المغادرة. اختاروا المغادرة».
ولم تتمكن رويترز من التحقق من روايات السكان والدبلوماسيين من مصدر مستقل.
وسيطرت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي سريعا على المدن والطرق الرئيسية بالإقليم دون قتال يذكر، مع انسحاب القوات الموالية للحكومة إلى غرب تيجراي المتنازع عليه، وذلك وفقا لتقرير للأمم المتحدة.
وتعهدت الجبهة أمس الخميس بطرد الجيش والقوات المتحالفة معه، ومنها قوات من إريتريا المجاورة وإقليم أمهرة الإثيوبي، من باقي تيجراي.
وقال جيتاشيو رضا المتحدث باسم الجبهة، عبر هاتف يعمل بالأقمار الصناعية: «نحن نتقدم صوب المناطق الغربية والجنوبية من أرضنا... حتى يتسنى لنا تحرير كل شبر من تيجراي».
ولم يرد الكولونيل جيتنيت أداني المتحدث باسم الجيش الإثيوبي ولا بيليني سيوم المتحدثة باسم مكتب رئيس الوزراء على أسئلة بشأن تأكيدات الجبهة والدبلوماسيين.
وفي أول تصريحات علنية له بعد سيطرة الجبهة على مقلي، قال أبي إن المدينة لم تعد «محور الصراع». وأضاف أن الجيش «تعرض لطعنة في الظهر» في إشارة للمدنيين في تيجراي الذين اتهمهم بالامتناع عن توفير الماء للجنود المنهكين، وإخفاء أسلحة في أفنية الكنائس، والكذب على موظفي الإغاثة للحصول على حصص إضافية من الطعام لإعطائها لأفراد من الجبهة.
وتقاتل حكومة أبي قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي منذ أوائل نوفمبر الماضي، عندما اتهمت الجبهة التي كانت وقتها تحكم الإقليم بمهاجمة قواعد عسكرية في أنحاء المنطقة وهو ما نفته الجبهة.
وجاء القتال بعد أشهر من تدهور العلاقات بين الطرفين. وتتهم الجبهة الحكومة بالتفرقة ضد من ينتمون لعرقية تيجراي وبمحاولة تحويل السلطة إلى مركزية. أما الحكومة فتقول إنها شنت الحملة للقضاء على «عصبة إجرامية» في إشارة للجبهة.
وأرسلت إريتريا وإقليم أمهرة قوات إلى تيجراي لدعم الجيش في أول أيام الحرب. وخاضت إريتريا حربا شرسة ضد إثيوبيا في الفترة من 1998 حتى عام 2000.
وقال موريثي موتيجا مدير مشروع القرن الأفريقي في مجموعة الأزمات الدولية، إن إريتريا «ستشعر بالقلق بالتأكيد، بل وربما تصاب بالهلع من عودة قوات تيجراي للصعود».
ولم يرد وزير الإعلام في إريتريا على طلب للتعليق.
ويقول مسؤولون في أمهرة إنهم استعادوا مساحة من الأرض، تعادل نحو ربع إقليم تيجراي، يقولون إنها تابعة لهم تاريخيا ولا يعتزمون تركها.
ويقول مسؤولون في تيجراي إن المنطقة الغربية يسكنها منذ فترة طويلة أناس ينتمون للمجموعتين العرقيتين، ويتهمون قوات أمهرة بطرد مئات الآلاف ممن ينتمون لعرقية تيجراي، وهو ما تنفيه بشدة إدارة إقليم أمهرة.
ويُعتقد أن القتال تسبب في مقتل الآلاف وشرد أكثر من مليونين. وتحدثت الأمم المتحدة عن ارتكاب كل الأطراف جرائم حرب محتملة بما يشمل عمليات قتل جماعية للمدنيين وعمليات اغتصاب جماعية.
وقالت الأمم المتحدة أمس الخميس إن الحكومة تسيطر على إمدادات الكهرباء والاتصالات والإنترنت، وهي مقطوعة في أنحاء إقليم تيجراي.
وتم إغلاق معظم الطرق المؤدية إلى المنطقة التي تقول الأمم المتحدة أن أكثر من 350 ألفا فيها يواجهون خطر المجاعة.
ونفى مسؤولون حكوميون اليوم الجمعة اتهامات الحركة الشعبية لتحرير تيجراي ووكالات إغاثة إنسانية بأن الحكومة تمنع وصول المساعدات إلى تيجراي، وقالوا إن الحكومة ستقدم الدعم لرحلات الأمم المتحدة الجوية إلى الإقليم.
وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن جسرين على نهر تيكيزي بالقرب من بلدة شير الشمالية دُمرا، وهو ما يزيد صعوبة توصيل المساعدات.
ولم يتضح على الفور من المسؤول عن تدمير الجسرين. وأنحت الحكومة باللائمة على الجبهة. وأشار سكان ومسؤولون في جماعات الإغاثة بأصابع الاتهام إلى الجيش أو قوات أمهرة.
وأصبحت شير وبلدات أخرى شرقي النهر خاضعة الآن لسيطرة قوات تيجراي. وانسحب الجنود الإثيوبيون والإريتريون إلى مناطق غرب النهر وجنوبه، حسبما قال مسؤولان أمنيان في بلدة حميرة الواقعة بغرب تيجراي الذي تسيطر عليه قوات أمهرة.
وقال أماري جوشو، وهو رئيس فرع حزب الرخاء بزعامة أبي في المنطقة ويعمل عن كثب مع الجيش وقوات إقليم أمهرة، إنهم على أهبة الاستعداد في حالة عبور مقاتلي جبهة تحرير تيجراي النهر.
وأضاف: «لنا الحق في الدفاع عن أنفسنا».
وكانت حميرة أمس الخميس تعج بالجنود الإثيوبيين وشرطة إقليم أمهرة والميليشيات المحلية، الذين جلسوا تحت ظلال الأشجار في المقاهي في الهواء الطلق، ومعهم البنادق.
وانطلقت شاحنات صغيرة مموهة مطلية يدويا ومحملة بالجنود الإريتريين على الطرق غير الممهدة، ينتعلون صنادل بلاستيكية سوداء ويتذمرون عند محاولة تصويرهم.
وقال زيودو تاركيجن، وهو مزارع من عرق أمهري، إنه ينبغي للجبهة الشعبية لتحرير تيجراي ألا تحاول مهاجمة حميرة، وأضاف: «البنادق في انتظارهم».