تفكيك الفصائل الفلسطينية في سوريا ولبنان
الصحفي عبد الباسط صابر اليوم الاخباريتفكيك الفصائل الفلسطينية المقيمة في سوريا ولبنان
في سبعينات القرن العشرين، حينما قامت تصارع عراق صدام وسوريا الأسد وليبيا القذافي على زعامة القضية الفلسطينية حتى يستخدمونها في مشاريهم الإقليمية، قامت كل دولة بإيواء ودعم عدداً من الفصائل الفلسطينية، وبطبيعة الحال ونظراً للقرب الجغرافي والتاريخ المشترك، فأن العراق وليبيا خرجوا من تلك اللعبة سريعاً لصالح سوريا، فالنظام العراقي دخل غرفة الإنعاش مع حرب تحرير الكويت، والقذافي تملص من أحلام الزعامة عملياً في اليوم التالي للغزو الأمريكي للعراق.
قامت سوريا بتوزيع الفصائل الفلسطينية على سوريا ولبنان، وكان اخر شيء تقوم به الفصائل الفلسطينية هو مقاومة الإرهاب، اذ استخدمت لتعزيز الوصاية السورية في لبنان.
وعقب انهيار الدولة السورية يوم 8 ديسمبر 2024 بهرب الرعديد بشار الأسد، بدأ الجيش اللبناني في لم السلاح من الفصائل الفلسطينية، كما بدأت الفصائل الفلسطينية في سوريا ايضاً بتسليم سلاحها، سنوات جديدة ضاعت من القضية الفلسطينية وسلاح بدلاً من ان يوجه للعدو تم توظيفه في مشاريع عروبية فاشلة لحافظ وبشار وصدام والقذافي، بندقية المقاومة بدلاً من توجه لصدور العدو كانت توجه لصدور شعوبنا باسم العروبة!
الخاسر الأكبر في لبنان هو "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة"، التي كانت يوماً ما اهم فصيل فلسطيني يساري، حيث تم تفكيك معسكرين للجبهة ومصادرة أسلحتها إضافة الى معسكر ثالث لمنظمة فتح الانتفاضة التي حاول حافظ الأسد يوماً ان تكون بديل حركة فتح لمؤسسها ياسر عرفات.
لبنان في ديسمبر دشن مرحلة "تسلم المواقع الفلسطينية العسكرية خارج المخيمات"، بعد ان كانت غزو مواز ودولة داخل دولة.
وفى سوريا لم تكتف هيئة تحرير الشام بتسلم أسلحة ومعسكرات "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة"، ولكن تم اغلاق كافة مكاتبها، كما ان مقاتلو الجبهة كانوا قد شاركوا مع الجيش السوري في قتال الجماعات الإرهابية التي تسيطر على سوريا اليوم، لذا تعتبرهم تلك الجماعات مما اطلقوا عليه "فلول ميلشيات الأسد" وبالتالي تمتلئ سجون السلطة الجديدة في دمشق اليوم بعناصر مسلحة من "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة"، كما سبق لهيئة تحرير الشام ان القت القبض على العشرات من نفس التنظيم الفلسطيني عبر سنوات الحرب في الشمال السوري وتمتلئ سجون الهيئة في ادلب بعناصر من "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة".
في سوريا، لواء القدس بقيادة محمد السعيد، وحركة فلسطين حرة بقيادة سائد عبد العال، وحركة فلسطين الديمقراطية بقيادة مازن شقير، فانتهت بهروب قادتها، ما يعني عملياً ان الفصائل الفلسطينية الموالية للنظام البعثي في سوريا ولبنان قد وصلت الى السطر الأخير في تاريخها بعد سنوات من استخدام السلاح بوجه شعوب سوريا ولبنان مع مشاركة رمزية في المقاومة الفلسطينية واللبنانية بحق الاحتلال الإسرائيلي.
تآكل الهدنة بين بيروت وتل ابيب، ولبنان عاجز عن انتخاب رئيسه!
تزداد الهدنة في لبنان هشاشة يوماً بعد يوم، تواصل إسرائيل غارتها في شرق وجنوب لبنان، الهدنة التي تنتهي في 27 يناير 2025 الغرض منها افساح المجال للداخل اللبناني من اجل التوافق على رئيس للجمهورية، رئيس قادر على التعاطي مع المفردات الجديدة داخل لبنان، وبسط سيطرة الدولة على جنوب لبنان الذى خرج عن إدارة بيروت منذ اتفاق القاهرة 1969 حينما فرضت الأنظمة المهزومة في يونيو 1967 على لبنان ان يستضيف الفصائل الفلسطينية في الجنوب مما حول الجنوب اللبناني الى مملكة ياسر عرفات التي تسلمها من بعده الاحتلال الإسرائيلي ورجالاته سعد حداد وانطون لحد قبل ان تتسلم ايران التركة من إسرائيل عام 2000.
حتى ندرك مدى ترهل النخبة السياسية في لبنان، لا يزال رؤساء الأحزاب والطوائف في مناقشات عبثية حول هوية الرئيس المقبل، ثم – بكل اسف – لدينا موائمات دولية وإقليمية تحكم لبنان منذ بدء الحرب الاهلية عام 1975 لا يمكن ان يتجاوزها لبنان في هذا الاستحقاق الانتخابي.
الولايات المتحدة الامريكية وتحديدا إدارة جو بايدن تريد رجل الاعمال نعمة إفرام صاحب الباع في كواليس الدولة العميقة اللبنانية، اما المفارقة ان إدارة دونالد ترامب الثانية لا تريد شخصية عسكرية لرئاسة لبنان، وصوت إدارة ترامب الثانية اقوي من صوت إدارة بايدن اليوم في بيروت، نظراً لان موفد بايدن للملف اللبناني هو صهره اللبناني.
المملكة العربية السعودية تدفع بـ سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية للمنصب، بينما أصوات من المعسكر السني تنفي ذلك وتشير الى ان مرشح المملكة هو جوزيف عون، بينما بقايا نفوذ ايران وفلول حزب الله يتمسك بـ سليمان فرنجية الحفيد رئيس تيار المردة.
الرئيس نبيه بري رئيس حركة امل ومجلس النواب يريد اى مرشح توافقي ما عدا جوزيف عون، اما جبران باسيل وزير الخارجية الأسبق ورئيس التيار الوطني الحر فقد طرح 8 أسماء ليس من ضمنهم جوزيف عون، ابرزهم زياد بارود، جورج الخوري، الياس البيسري.
الخلافات ليست بين الطوائف ولكن بين المسيحيين انفسهم، فحزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع هو صاحب الكتلة المسيحية الأكبر في البرلمان وبالتالي لا يريد ان يخسر مجد وحق صناعة الرئيس المقبل، بينما جبران باسيل يحاول ان يزاحم جعجع في هذا المضمار، وللمفارقة فأن كلاهما توافق لبضع الوقت على الوزير السابق جهاد أزعور رئيساً قبل ان يسقط هذا الاسم من بورصة المرشحين.
سمير جعجع لم يضع ترشحه عائق امام تأييد مرشح آخر خاصة المدير العام للأمن العام اللواء إلياس البيسري.
فرنسا تؤيد سمير عساف أو زياد بارود، بينما قطر تؤيد الياس البيسري.
وليد جنبلاط زعيم طائفة دروز لبنان والرئيس التاريخي للحزب الاشتراكي كان اول من اعلن تأييده للعماد جوزيف عون.
وفى تحرك هام، تسارع السعودية من اجل تشكيل كتلة سنية على ضوء انهيار فريق الموالاة للوصاية السورية والاحتلال الإيراني وحليف حزب الله، من اجل تشكيل فريق سني من اهم وابرز الأسماء السنية التي تعاركت لسنوات ما بين معسكري 8 آذار و14 آذار.
الساحة السنية تشهد فراغ منذ تقاعد سعد الحريري وتجميد نشاط تيار المستقبل، الى جانب المطاردة السورية الإيرانية للعائلات السياسية السنية وصولاً الى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ولكن مع سقوط الوصاية السورية الإيرانية على لبنان، يستعد الرئيس سعد الحريري للعودة الى بيروت وإعادة تفعيل تيار المستقبل.
هل يصطدم سعد الحريري لدى عودته بالنفوذ السياسي المتنام لاخيه الأكبر بهاء الحريري ام يحدث تحالف للبيت الحريري؟
الوقت يمر، والعالم ينتظر رئيس لبناني والا فأن إسرائيل سوف تعاود قصف لبنان بعد انتهاء الهدنة!
⇧