مصري ومن الصعيد .. تعرف على أصغر خطاط في العالم
اليوم الاخباريلم يكن يعرف لليأس طريقا، ثابر وعافر حتى استطاع أن يبلغ حلمه، بعد أن واجه الكثير من الصعوبات والعبارات اللاذعة التي كان لها أن تثبطه عن حلمه، لكنه ضرب بها جميعا عرض الحائط، حتى استطاع أن يحقق حلما كان يراوده منذ الصغر ويبدأ في كتابة المصحف الشريف.
"عبدالكريم مرجان"، أصغر خطاط يحصل على إجازة من نقيب الخطاطين على مستوى العالم، قال إن حبه لتعلم الخط بدأ منذ نعومة أظفاره؛ حيث كان والده شديد الحرص على تعليمه لتحسين خطه منذ أن كان طفلا لم يتعد عمره أصابع اليد الواحدة، وبعد وفاة والده قرر أن يسير على نهجه ويتعلم أصول الخط العربي: "من شدة إعجابي وتعلقي بتعلم الخط، كنت أكرس له وقتا ليس بالقليل، حتى أنني قررت تأجيل عام من دراسة الثانوية، لأستغله في تعلم الخط، ومن ثَم قررت الالتحاق بمدرسة الخطوط العربية في أبوتشت".
تعلق مرجان -ابن الصعيد- بالخط العربي؛ حتى أنه عند وصوله إلى مرحلة الثانوية العامة والتحاقه بمدرسة الخطوط قرر أن يتفرغ لها بالكامل، مشيرا إلى أنه كان يقضي ما لا يقل عن 5 ساعات يوميا لإجادة الخط العربي، حتى تعلم 5 أنواع من الخطوط المختلفة: "حلم كتابة المصحف الشريف كان يراودني منذ أن كنت طفلا، وبدأت في كتابته وأنا شاب في عامي الجامعي الأول".
وأضاف أنه حتى بعد التحاقه بكلية الآداب قسم اللغة العربية في جامعة جنوب الوادي، قاده شغفه بالخط إلى المزيد من البحث والتمحيص؛ حيث اطلع على العديد من المصادر المتخصصة وظل يتابع الكثير من مقاطع الفيديو على موقع "يوتيوب"، مشيرا إلى أن مرجعه الرئيسي في تعلم الخط كان "كراسة محمد شوقي أفندي"، وهي كراسة يزيد عمرها عن الـ150 عاما، لكنها بمثابة الوجهة الأساسية للكثير من الخطاطين.
لم يكن ابن محافظة قنا ليسلم من التحديات التي كانت تقف له بالمرصاد، فقد كانت تُلقى على مسامعه الكثير من العبارات اللاذعة، حتى أن أهله نعتوه بـ"الفاشل"، بعدما قرر أن يترك عاما دراسيا للتفرغ للخط، لكنه مضى في طريقه قدما ولم يكن ليلتفت لتلك العقبات، حتى استطاع أن يبلغ حلمه: "عندما علمت أن المصحف الشريف يُكتَب بخط اليد، قررت أن أكرس وقتي لتعلمه، ولم أدخر جهدا للاطلاع على الكثير من الكتابات التي تساعدني في ذلك، وبدأت أتمرس على كتابته منذ عامين فقط، حتى استطعت أن أخط بيدي ما يقرب من 6 أجزاء من القرآن الكريم".
عانى الشاب الصغير من الكثير من الإرهاق البدني، بعد أن أصيب بألم في ظهره وعينيه، لكنه أصرّ على استكمال طريقه، وظل عاكفا على كتابة المصحف بشكل يومي، موضحا أن كتابة صفحة واحدة قد تستغرق منه 5 ساعات، وبالرغم من ذلك كل ما كان يشغله أن يكتب نسخة من المصحف بيديه "ليحظى بشرف وأجر عظيمين": "في عامي الجامعي الأول، قررت أن أتقدم بأعمالي إلى نقيب الخطاطين، الذي وجد أنها بلغت من الإجادة مكانا عظيما، ومن ثَم تقدمت بعرض عدد من أعمالي، وما أن رآها مسعد خضير البورسعيدي، حتى قرر منحي الإجازة بعد خضوعي لعدة اختبارات، مثل: كتابة البسملة وسورة الفاتحة وجملة (إنما الخطاطون والخياطون يأكلون من أعماق عيونهم)".
يقول مرجان إنه منذ حصوله على الإجازة تلقى احتفاء كبيرا وسط أهالي قريته، فرحين مهللين بما وصل إليه ابن قريتهم، مشيرا إلى أنه وجد صدى نجاحه على الكثير من وسائل التواصل الاجتماعي، فضلا عن تلقيه تهنئة من عميد الخطاطين بالمملكة العربية السعودية لحصوله على إجازة بكتابة المصحف الشريف في سن صغيرة.
ويضيف الخطاط الصغير أنه من شدة شغفه بتعلم الخط، عقد الكثير من المحاضرات في بلدته لتعليم وتدريب عدد من الطلاب بمدرسة أبوتشت، كما أنه حرص على انتشار علم الخط العربي بين زملائه في الجامعة، مقدما لهم كراسة بخط يده لتكون مرجعا لهم.
ويسعى ابن الصعيد إلى إتمام كتابة المصحف الشريف مع نهاية مرحلته الجامعية، مشيرا إلى أن إتمامه في 3 سنوات يعد إنجازا ليس بالقليل، نظرا لما يتطلبه من وقت وجهد وتدقيق.