تخبط إثيوبي جديد يؤكد فشل الملء الثاني لسد النهضة
اليوم الاخباريلم تمض أيام على تصريحات وزير الري الإثيوبي سيليشي بيكيلي، الذي أعلن فيها تراجع بلاده عما كان مقرر إنجازه بشأن تعلية الممر الأوسط لسد النهضة، وهو ما يعني الفشل في إتمام الملء الثاني لسد النهضة بشكل كامل كما كان مقررا له.. ليطل علينا اليوم رئيس اللجنة الفنية الإثيوبية لمفاوضات سد النهضة ومستشار وزير المياه والري الإثيوبي المهندس جيديون أسفاو ليعلن أن بناء سد النهضة وصل لمرحلة لا يمكن التراجع فيها.
تصريحات متناقضة تظهر تخبطا وارتباكا بين المسؤولين وصانعي القرار، في محاولة للتغطية على تصريحات الفشل والتراجع لكسب تعاطف شعبي بخطابات رنانة وأرقام تبدو من خلال آراء الخبراء «وهمية».
ويقول «أسفاو» في تصريحاته إن «إثيوبيا وصلت ببناء سد النهضة إلى مرحلة لا رجعة فيها بعد أن وصل إلى 80% وستمكن السد تخزين نحو 18.4 مليار متر مكعب خلفه».
وكان عدد من الخبراء في مجال الري أكدوا بالأارقام والإحصائيات أن إثيوبيا فشلت في عملية تعلية الممر الأوسط لسد النهضة، تمهيداً للملء الثاني لسد النهضة، هذا العام، وذكروا أن ما يمكن أن تنجزه أديس ابابا قبل موسم الفيضان هو الوصول لطول ٥٧٣ متر فوق سطح البحر رغم أنه كان مخطط أن يصل ارتفاع الممر الاوسط إلى ٥٩٥ متر.
وقال الدكتور محمد نصر علام وزير الري الأسبق قال إن «التراجع الإثيوبي عن تعلية الجزأ الأوسط من السد إلى منسوب ٥٧٣ بدلا من ٥٩٥ متر فوق سطح البحر واستكمال الملء الثانى العام القادم ليس مفاجأة لأنه السبيل الوحيد لاحتمال تجنب المواجهة مع مصر والسودان».
وأضاف في منشور له على فيسبوك قائلاً: «ويكفى التعلية في رأيى لمنسوب ٥٦٥ مترا على الأكثر وبما يضمن تشغيل التوربينات المنخفضة».
الدكتور عباس شراقي أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، أفرد في منشور له على الفيسبوك تفاصيل الفشل في عملية التعلية مرفقاً بصور عبر الاقمار الصناعية لسد النهضة.
وكتب: «عقد مؤتمرا علميا في جامعة أربا منش باقليم الجنوب الإثيوبى، وأعلن وزير المياه والري الإثيوبي آخر تطورات سد النهضة، جارى العمل في سباق مع الزمن للانتهاء من بعض الأعمال الهندسية في البوابات الثلاثة عشر قبل التخزين المقبل، وسيتم العمل على رفع الممر الأوسط إلى ارتفاع 573 متر بدلا من 595 مترا، وسوف يتم الانتهاء من التخزين في يوليو المقبل».
وأضاف: «التخزين الجديد يصل إلى حوالى 4 مليار متر مكعب يمكن تخزينها خلال الثلاثة أسابيع الأولى من يوليو كما حدث العام الماضى، ويمكن تشغيل أول توربينين في أغسطس».
وتابع قائلاً: «فشلت إثيوبيا في إتمام الإنشاءات الهندسية لتخزين 13.5 مليار متر مكعب، وسوف يتم تخزين 10 مليار متر مكعب سنويا خلال السنوات المقبلة، وما كان مخططا ليتم هذا العام سوف يستكمل العام القادم أي رفع الممر الأوسط إلى 595 متر وتخزين حوالى 10 مليار متر مكعب ليصل إحمالى التخزين العام القادم 18.5 مليار متر مكعب».
ولفت إلى أن الصور تظهر عدم زيادة المخزون الحالى من البحيرة الذي يبلغ 5 مليار متر مكعب، وسوف تمر مياه الفيضان بعد الأسبوع الثالث من يوليو من أعلى الممر الأوسط، ويمكن للسودان تفريغ جزء الآن من سد الروصيرص الذي يحتوى على حوالى 5 مليار متر مكعب بعد التأكد من محدودية التخزين هذا العام.
واختتم قائلاً: «الفشل في التخزين الكامل لن يغير من موقف مصر والسودان الرافض بشدة لأى تخزين بدون اتفاق حتى ولو كان مليار متر مكعب واحد».
أما الدكتور هاني رسلان رئيس وحدة حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، فأفرد خلال منشور له على فيسبوك عدة نقاط حول وضع سد النهضة، وجاءت كالآتي:
- أجمعت التقديرات طبقا لصور الاقمار الصناعية أن التعلية التي تم إنجازها لتنفيذ الملء الثانى بلغت حتى الآن 6 م فوق منسوب الملء الاول البالغ 560 م .
- التعلية المطلوبة لإنجاز الملء الثانى هي رفع الممر الأوسط للسد 35 مترا أي من ارتفاع 560 فوق مستوى سطح البحر إلى 595 م
- وزير الرى الاثيوبى ذكر أن الارتفاع الذي تم إنجازه في التعلية وصل إلى 5.4 م .
- وبهذا المعدل في إنجاز التعلية، وأخذا في الاعتبار الوقت المتبقى على موسم الفيضان، فإنه من الناحية الموضوعية لن تستطيع إثيوبيا رفع التعلية إلا إلى مستوى 572 م كما أعلن الوزير الاثيوبى. والظروف لاتسمح باكثر من ذلك، لا سيما أن هناك مؤشرات أو بوادر أن الفيضان قد ينزل مبكرا هذا العام.
- هذا التأخير قد يكون لأسباب تتصل بفشل فنى أو إدارى أو تمويلى، أو ربما يكون متفقا عليه سلفا.
- ما نستنجه أن هذا هو الواقع القائم، والقيادة المصرية لديها بطبيعة الحال مصادرها للمعلومات والمتابعة أولا باول على مدار الساعة، ومن ثم فإن لها حساباتها وقرارها طبقا لموازنات دقيقة وقراءات متأنية لمعطيات المشهد التي أصبحت متغيرة ومتحولة بشكل متسارع في الأشهر الأخيرة.
- ما هو مؤكد أن إثيوبيا في حالة اضطراب وارتباك، وتغوص مع الوقت بشكل متزايد في أزمتها الداخلية التي وصلت إلى مرحلة التهديد العملى بالتفكك في حالة استمرت التفاعلات القائمة على ذات النهج الحالي.
- وأصبح مؤكدا أيضا أن إثيوبيا دولة عاصية وخارجة على القانون، وانها تحولت إلى مصدر عدم استقرار وتهديد للأمن والسلام في القرن الأفريقى والبحر الأحمر وشرق أفريقيا، وأن هذه الحقيقة أصبحت أحد المدخلات الأساسية في التعامل مع إثيوبيا، فالأمر ليس قاصر على سياستها أو تحركاتها الخارجية بل إنها تتصرف بذات النهج في الداخل الاثيوبى، بمعنى أن هذه السمة ( تهديد الاستقرار والأمن والسلام ) هي سمة أصيلة وليست عابرة.
- وما هو مؤكد أيضا أن مصر قد قطعت شوطا طويلا وناجحا في تعرية الموقف الإثيوبي أمام أفريقيا والإقليم والعالم وأثبتت أن مواقف إثيوبيا خارجة عن القانون والعقل والمنطق ولا يمكن التعاطف معها فضلا عن تأييدها .
- وأنجزت بكفاءة لافتة، المهمة المعقدة المتصلة بتجهيز مسرح العمليات، إذا تطلب الأمر أي تحرك عسكرى، وتجاوزت كل المراحل اللازمة لذلك وصولا إلى الجاهزية الكاملة.
- هناك طبعا تداخلات كثيرة من اطراف عديدة، والغالبية منها غير معلنة ويتم التعامل معها في صمت ودون ضجيج.. وما نخلص إليه أن مساحة القدرة لدى مصر قد اتسعت، ومن ثم فقد اتسعت مساحة المناورة أيضا في مواجهة تعدد السيناريوهات المطروحة.