ردود بوتين على العالم
الصحفي عبد الباسط صابر اليوم الاخباريرد بوتن وتحذيره
الإثنين ٢٥-١١-٢٠٢٤
لم تصدق الدول الغربية أن بوتن جاد في الخط الأحمر الذي رسمه ، وذلك لأن هذه الدول كانت قد تخيلت أنه على بوتن إعتبار كل تصعيد يقومون به ضد روسيا هو خط أحمر. فكل مرة وردوا نوع جديد من الأسلحة لأوكرانيا كانت هناك جملتان لابد من وصف هذه الأسلحة وتأثيرها. فالجملة الأولى كانت أن هذا السلاح سيكون بمثابة “تغير كبير في اللعبة” ، والجملة الثانية هي أنه لابد أن يكون “خط أحمر لدي بوتن”. وبذلك أقنع الغرب نفسه وشعوبه التي تتابع أخبار الإعلام المؤسسي ، بأن بوتن كان قد وضع عدد كبير من الخطوط الحمراء والتي كلها إنتهكت من الغرب بدون أن يحرك ساكناً في الرد عليها. والحقيقة أن بوتن وضع خط أحمر واحد فقط وهو أنه لو تم الإعتداء على الداخل الروسي عبر أسلحة موجهة من جنود الناتو فسيعتبر أن ذلك دخول الناتو في الحرب ضد روسيا ولذا يستبيح ضرب الناتو. ثم عدّل في العقيدة النووية بحيث تعطيه حق الرد النووي لو أصبحت روسيا مهددة في سيادتها أو بقائها. وبعد سماح بايدن لإوكرانيا بإستخدام الصواريخ الأمريكية طويلة المدى لقصف العمق الروسي ، عدّل بوتن العقيدة النووية الروسية بإضافة أنه يمكن لروسيا قصف بلد غير نووي بالنووي لو كان في تعاون عسكري مع بلد نووي آخر. وبعد أول قصف لروسيا بصواريخ أتاكمز الأمريكية ، وقع بوتن على هذا التعديل الأخير.
ولذا أصبحت الحرب العالمية الثالثة قد تهيأت لأن تصبح حرباً نووية.
وَرَدَ عبر الإعلام الفرنسي أن كل من فرنسا وبريطانيا أيضاً قد وافقتا على السماح لأوكرانيا بإستخدام الصواريخ الفرنسية والبريطانية لقصف العمق الروسي ، وفعلاً قامت بذلك بقصف روسيا بصواريخ ستورم شادو. وهذه صواريخ فرنسية/بريطانية.
ولم يمر يوم على هذا الإعتداء على الأراضي الروسية حتى أتى رد بوتن الذي لم يكن به أي مواربة أو أي مجال لسؤ فهم معناه.
قامت روسيا بإستهداف مصنع إنتاج حربي لتصنيع محركات الصواريخ في دنيبروبتروفسك في شرق أوكرانيا بصاروخ ، قال بوتن عنه أنه تجريبي.
الصاروخ “أوريشنك” الروسي صاروخ باليستي ، عشر مرات أسرع من الصوت ، يمكنه حمل رؤوس نووية ويتكون من ٦ رؤوس ، وكل رأس منها لديها ٣ رؤوس أخرى يمكن توجيهها بدقة على عدد كبير من الأهداف المختلفة في محيط منطقة بعينها. والصواريخ الفرط صوتية لا يوجد لدى الغرب مضادات لها ولا يمكن إيقافها.
عندما أطلق هذا الصاروخ أوكرانيا لم تكن تعرف ما إذا كان يحمل ذخيرة نووية من عدمة ، ولكن لحسن الحظ ، كان الصاروخ مسلح بأسلحة تقليدية.
صور هذا الصاروخ وهو يدمر هدفة والتصوير أظهر فقط الست رؤوس الأصلية للصاروخ وهي تنفجر ولكنه لم يصور الرؤوس التي بداخل كل واحدة من الرؤوس السته عند إصابتها للهدف.(١)
وهذه النوعية من الصواريخ لايمكن الدفاع ضدها لأنها أسرع من أي نوع من الدفاع موجود لدى الغرب الآن. وثانياً لأنها لديها ١٨ رأس محملة بالمتفجرات ويمكن التحكم في الأهداف التي تصيبها كل رأس على حدى. وأنها أيضاً قابلة لحمل النووي لو لزم الأمر. ولذا فهذا الصاروخ الوحيد دمر المصنع الكبير تحت الأرض بالكامل.
وهذا ما قاله بوتن بعد تدمير الهدف. وقال أنه صاروخ تجريبي ، باليستى متوسط المدى وأسرع من الصوت بعشر مرات. وقال أنه نجح في هذه القصفة التجريبية بأنه دمر الهدف بالكامل.
وأضاف بوتن أن روسيا جادة في مواجهتها للدول التي تساعد أوكرانيا في إستهداف العمق الروسي بصواريخها طويلة المدى والتي يقوم رجال كل بلد من البلاد التي تنتج هذه الصواريخ بتحديد الهدف الروسي المراد تدميره ، ثم رسم مسار الصواريخ التي تطلق عليه ، ثم قيادة توجيهها للهدف ، وكل ذلك عبر الجنود التابعين للدولة المصنعة. فالصواريخ اتاكمز الأمريكية أستهدفت واطلقت ووجهت من جنود أمريكيين وعبر وسائل وأقمار صناعية أمريكية ، وبالتالي فهذا يعني أن أمريكا قد إعتدت مباشرة على روسيا. وبناءاً على الخط الأحمر الروسي فهذا يعنى أن روسيا الآن في حالة حرب مع أمريكا ، وبالتالى فحسب القانون الدولي يحق لروسيا قصف الأهداف العسكرية الأمريكية. وبناءاً علي العقيدة النووية الروسية ، فيحق لروسيا أن تقصف كل من أوكرانيا وأمريكا بالنووي. ولذا عندما عرف الغرب بإطلاق صاروخ باليستى روسيي على أوكرانيا كانت هناك لحظة من الرعب أنه قد يكون محمل برؤوس نووية. ولكن سرعان ما إتضح أنها ذخيرة تقليدية. لكن السرعة الفائقة للصاروخ ، وتعدد الرؤوس التي إتضح أنها تحمل رؤوس أكثر كانت المفاجأة الكبرى ، إذ أنه لم تتمكن لا أوكرانيا ولا أمريكا من صد هذا الصاروخ. وكم الدمار الذي تسبب فيه هذا الصاروخ بال١٨ رأس مختلفة كان أيضاً صادماً.
وفي الكلمة التي القاها بوتن بعد هذه الضربة قال أن روسيا سوف ترد على الفور وبالمثل على كل إعتداء من أي من دول الناتو ، وبدأ الإعلام الروسي يتكهن بأي أهداف ستكون ضمن الأهداف الروسية للرد على أي عدوان قادم.
وللأسف أنه بالرغم من كل هذا التصعيد ، فمازال هناك أفراد في مراكز حساسة في أمريكا يتفوهون بعنجهية عن أن أمريكا مستعدة للدخول في حرب نووية مع روسيا. وروسيا تأخذ كل هذه التصريحات على محمل الجد وتستعد لخوض حرب شرسة مع عدد من دول الناتو. وهذا هو ما قاله الكولونيل دوجلاس ماكجريجور في
وفي تطور آخر أوردت صحيفة الجارديان البريطانية خبراً عن تحليق عدد من المسيرات المجهولة فوق ثلاث قواعد جوية أمريكية في قلب بريطانيا. لم يحدث أي تفاعل مع هذه المسيرات ولكن هناك توجسات من هدفها وإن كان للتجسس.
ويقال أيضاً أنه كان هناك شئ مماثل في أمريكا. وهنا أيضاً غير واضح غرض هذه المسيرات أو حتى هويتها. وكل الأصابع تشير لروسيا ولكن لا يوجد دليل.
وعن مصدر من البنتاجون يقول تقرير أن تعتزم أمريكا تعديل استراتيجيتها للردع النووي لمواجهة التهديدات المحتملة من روسيا والصين.
حتى الآن لم يجرؤ أحداً أن يستخدم النووي ، لكن كل الإشارات لا تبشر بالخير لأن بوتن جاد جداً في كل خطواته وأمريكا مازالت تعتقد أن بوتن “بيهوش” ولا يمكنه الوقوف أمامها لأنها هي أقوى قوة في العالم ، وذلك بالرغم من الصاروخ أوريشنك الذي قصفت به روسيا مصنع السلاح في أوكرانيا ودمرته عن آخره. وهذه الغطرسة هي التي قد تكون السبب في بدء الحرب النووية.
من ناحيته قال ترامب أنه يفكر في تعيين مندوب خاص لأزمة أوكرانيا وإقترح اسم ريتشارد جرونيل الرئيس الأسبق للمخابرات المركزية والذي كان قد صرح في أول وقوع الحرب أنه يرى حل لهذا الصراع بعمل مناطق عازلة بين روسيا وأوكرانيا ، وأنه يجب تأجيل فكرة ضم أوكرانيا للناتو. وبذلك يحاول ترامب ، حتى قبل دخوله البيت الأبيض ، أن يعمل على تخفيف حدة التوتر التي وصلت لدرجة عالية جداً تهدد السلم العالمي. مجرد هذا الإقتراح يعطي إشارةً للعالم أن ترامب يسعى للسلام وإنهاء كل الحروب. وهذا أيضاً قد يقلق نتنياهو في سعيه لإيقاع أمريكا في حرب مع إيران.
وفي نفس الوقت الجبهة الشرق أوسطية تشتعل ، وإسرائيل تحت حصار قوي مابين حماس في غزة وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والمقاومة العراقية ، وأخيراً تهديدات إيران بالقيام بضربتها الإنتقامية لأخر ضربة إسرائيلية. وكل هؤلاء لديهم اليوم التكنولوجيا الروسية التي أعطى بها بوتن مثل للعالم بصاروخ أوريشنك. ولذا نجد أن العمق الإسرائيلي الآن يقصف بنفس وتيرة قصف إسرائيل لبيروت والجنوب، فيقوم حزب الله بقصف ضواحي تل ابيب وحيفا والشمال الإسرائيلي ، ولم يعد يقصف المواقع العسكرية فقط بل وبدأ في قصف البنية التحتية المدنية والذي يتسبب في زيادة الخسارة الإقتصادية في إسرائيل ، وبالتالي زيادة إنهيارها ككيان.
مقال الغد عن وضع نتنياهو وإسرائيل.
حفظ الله العالم من ويلات الحروب.